نحن في عصر نريد كل شيء بسرعة ونظام العالم جعل الكل يتخيل نفسه انه هو ملك زمانه.. تملك المال فتحصل على ما تريده وتعيش أحسن عيشة.. لا داعي للانتظار.. ثواني والاكل يصير جاهز، ثواني وتحصل اللي ترغبه.
في عصر المايكرويف والخدمات السريعة نريد كل اوامرنا ومتطلباتنا تصير بسرعة، بلمسة نشوف تتحقق طلباتنا، وشوية شوية العالم جعلنا نفكر أنفسنا اسياد.. لدرجة انه حتى في علاقتنا مع الله كثير من المرات نتصرف ونحكي معه كأننا نحن السيد وهو عفريت الفانوس ومحقق طلباتنا.
لماذا لا يستجيب الله صلواتنا؟؟! لماذا يذلنا ويجبرنا ان نتوسل به ولا يستجيب؟ لماذا يعطي لهذا وذاك اما لي فلا شيء؟
للإجابة على هذا السؤال، نحتاج ان نفهم الاجابة على هذا السؤال: من اين نستمد صورتنا عن الله؟ من الواقع؟ من الناس من خبرات الماضي؟ من الكنيسة؟ من الاعلام من كوكل؟!
أي شيء عدا الكتاب المقدس ممكن ان يعطينا صورة خاطئة عن الله.. وبالمناسبة سيكون الله بالنسبة لك بنفس الطريقة / العدسة الي تراه بها.
ولما نتبنى صورة مغلوطة عن الله لن نقدر ان نستقبل أي جواب شافي منه لان كل ما سيصلنا منه سيكون مسموم.
أكبر تجربة تواجه النفس البشرية هي الذبول امام العوائق والاستسلام.
نريد نصير مثل يوسف جالس على عرش اقوى دولة في العالم حتى نخدم ملكوت الله لكن نرفض ألم التدريب وننسى ان يوسف صارع وقاوم الخطية وظل مخلصاً لإلهه وسار بأمانة في عمله حتى في أعماق السجن.
نريد نصير مثل يشوع نقود شعب الله لامتلاك المواعيد وننسى انه كان لسنوات يتبع موسى وينتظر على الجبل ايام عندما كان موسى يصعد الجبل، ولما كان موسى يخرج من خيمة الاجتماع كان يشوع يبات عند مدخل الخيمة.
نريد نصير مثل داود ونمتلك الوعود وننسى بعد ما الرب وعده انه يكون ملك، عاش طريداً لسنوات واعتبروه خارج عن القانون و٣٠٠٠ محارب يفتشون عليه و١٦ مرة تعرض للقتل ورغم كل هذا لم استسلم لليأس والإحباط والضغوطات وفي كل مرة يغفر ويسامح ويسبح الله على قيادته وامانته ومحبته رغم ما كان يعانيه.
داود كتب في مزمور ٢٧
انتَظِرِ الرَّبَّ. ليَتَشَدَّدْ وليَتَشَجَّعْ قَلبُكَ، وانتَظِرِ الرَّبَّ (مز ٢٧: ١٤)
كتبه في أتعس وأصعب الظروف لما قال ابي وامي قد تركاني.. زوجته أُخذت منه جبراً.. وبعد ان حقق انتصارات لشعبه صار الكل ضده.. وأقرب الناس خانوه..
نريد ان الوعود تتحقق ونحن جالسين مرتاحين.. وبسخرية نفكر: أليس هو الله؟ حاشا له ان يكذب! هل يعد ولا يفي؟!
وننسى ان كل وعد في الكتاب هو ذو بعدين: بُعد إلهي وبُعد بشري، من طرفين الله والانسان. هناك دور على الله ودور علينا.
ان كنا لا ننجز ونقوم بدورنا، فلن يعمل الله دوره. لا نكون جديين في الموضوع ولا نسعى من كل قلبنا طالبين الوعد ومثابرين ومستعدين ان ندفع كل ما عدنا، فلن يتحقق شيء. الذي يريد انتصار، ثمر، جائزة يجب ان يجاهد، يجتهد ويثابر وينتظر.
كل شخص عنده هدف رؤية وعد يجب ان يدرك بأنه:
1. جندي يخوض معركة ولديه خصم يريد انه يطرحه ارضا في كل يوم.
2. رياضي يجب ان يثابر ويجتهد ويطيع القوانين.
3. مزارع ينتبه لما يزرع وينتظر الثمر في وقته.
ما هو الانتظار؟ خبراتنا بموضوع الانتظار سلبية.. هل الانتظار مضيعة وقت.. عادة في الانتظار نحاول ان نقتل الوقت ومباشرة نلجأ لاشياء تلهينا بوقت الانتظار.
معاني الانتظار باللغة الاصلية:
تطلع، توقع، تفرس، تلهف الى، اجمع، ان تُجمع، ارتبط معا
- طوبى لجميع منتظريه: طوبى لجميع الذين سينتظرون الله بطريقتين - بالصراخ إليه في الصلاة وبعدم التراجع والتخلي عن الوعود وخصوصا عندما تبدو متأخرة لفترة طويلة.
- في فترة الانتظار نحتاج ان نلتفت اليه مثل داود الذي كان في وقت انتظار وعود الله له بأن يصبح ملكاً والاعداء من حوله من كل جانب، كان مطلبه الوحيد: واحدة سألت واياه التمس، ان اسكن في بيت الرب الى مدى الأيام. لم تكن امنيته الويدة الخلاص من الاعداء او الرجوع الى الحياة القديمة او ان تتحقق وعود الله له، بل ان ينظر ويتمتع بألهه.
ما الحل؟
1. تصحيح صورتنا عن الله.
2. الاصغاء له وقت الانتظار.
لهذا نرى ابليس يفشلك ويحبطك وخصوصا عندما يطول الموضوع ويشكك: اين الهك؟ اين الوعود؟ وسيبقيك مشغول ٢٤ ساعة بأمور الحياة ومسؤوليات العمل والاسرة والدراسة ووو الى ان تذهب للفراش.
ابليس يعرف اذا ابقاك غير مشغول ستنتظر وتتفرس بالرب وتتجدد قوة، وتعرف ان تركز، وعندها ستختار الاختيار الصحيح اذ ستعرف ان تجمع وترى الصورة الكاملة.
لهذا ابليس يريد يشتت انتباهك ويشدك طول الوقت بأمور العالم وهموم الحياة والاغراءات العالم لكي لا تنتبه الى الذي يدق على بابك. بالمناسبة هذه الآية قيلت للكنيسة وليس لناس من خارج الكنيسة.
أخلق وقت تفصل نفسك عن العالم، توقظ اذنك، تؤلفها حتى تسمعه. كن مثل مريم اللي اختارت النصيب اللي لن ينزع منها الى الابد.. مرثا المشغولة لن تقدر ان تسمع كلماته ولن تعطي الناردين الغالي الثمين ليسوع لان قلبها وحبها توزع وتبعزق على امور ثانوية. والحاجة الى واحد.. ننتظر قدامه، نتفرس بجماله، نجمع كلامه نشتاق له، وعندها نستطيع ان نعطيه الثمين الذي عدنا لأنه فقط عندها نقدر ان نراه هو الوحيد المستحق حبنا ويستاهل كل شيء.. وسنختبر معنى الشبع الحقيقي بغض النظر عما نجتاز به في الحياة.
Comments