ينبغي ان ندرك أن هناك الكثير من القضايا في حياتنا وايماننا هي اجتماعية وتفضيلية اكثر من أن تكون كتابية ومسيحية.. مع الأسف نجد الكثير من رجال الدين يستخدمون الكتاب المقدس كأداة لفرض عادات وتقاليد وأمور مستحبة في إلزام الناس لفعلها ويلوحون به كسيف لمنع المؤمنين من أن يقوموا بأي امور او اشياء قد تخالف الفكر المتعارف عليه والتقليد السائد في المجتمع. مرحبا بكم في عالم التديّن.
الوشم.. واحدة من التساؤلات و أكثر الأمور الجدلية التي تتصاعد في هذا الوقت وتُستثار بين الأهل والمراهقين، والؤمنين في الكنيسة.. والجهل بها يفتح الباب لخصومات وخسارات لا تستحق عناء المعركة.
أمر ناموس العهد القديم شعب إسرائيل
"وَلا تَجْرَحُوا اجْسَادَكُمْ لِمَيْتٍ. وَكِتَابَةَ وَسْمٍ لا تَجْعَلُوا فِيكُمْ. انَا الرَّبُّ." (لاويين 19: 28).
لهذا فرغم كون المؤمنين اليوم ليسوا تحت ناموس العهد القديم (رومية 10: 4؛ غلاطية 3: 23-25؛ أفسس 2: 15) إلا أن حقيقة وجود وصية ضد الوشم يجب أن تثير تساؤلاتنا.
لا ١٩: ٢٧
27«لَا تَحْلِقُوا سَوَالِفَكُمْ لِيَصِيرَ شَعرُكُمْ مُسْتَدِيرًا،19:27 لَا تَحْلِقُوا … (مُسْتَدِيرًا جَاءَت هَذِهِ الوصيّةُ تفَاديًا للتّشَبّهِ ببعضِ الشُّعُوبِ الوَثَنِيّةِ الَّتِي كَانَ عَلَى رِجَالِهَا أن يحلِقُوا سوَالِفَهُمْ كَجُزءٍ من طُقوسِ عبَادةِ آلِهَتِهِمْ. انْظُرْ إرِمْيَا 9:26، 25:23، 49:32) وَلَا تُشَذِّبُوا جَوَانِبَ لِحَاكُمْ. 28لَا تُجَرِّحُوا أجسَادَكُمْ حُزْنًا عَلَى مَيِّتٍ، وَلَا تَضَعُوا وَشمًا عَلَى أجْسَادِكُمْ. أنَا اللهُ.
"لَا يَحْلِقِ الكَهَنَةُ شَعرَ رُؤُوسِهِمْ بِشَكلٍ كَامِلٍ، وَلَا أطرَافَ لِحَاهُمْ، وَلَا يُجَرِّحُوا أجسَادَهُمْ" (لا ٢١: ٥)
كانت الشعوب في الماضي تجرح جسدها حين تخسر شخصاً حزناً عليه وكان بعض الناس يرسمون وشماً على أجسادهم لتصوير صنم الإله الذين يعبدونه لذلك منع الله الشعب عن الوشم لئلا يتمثلوا او يُفتح الباب لعباداتهم.
ينبغي ان ادرك الغاية من الوصية قبل تطبيق الحرف..
فالوشم كان عادة وثنية منع الرب بني إسرائيل من الانخراط او العمل بها بسبب ان الأمم الوثنية كانت تستخدمها في العبادات الشيطانية وللاعلان على انهم من عبدة الاوثان او الشياطين
في مصر كانت النساء ترسم الوشوم على أجسادهن علامة للخصوبة مثلا كإله الخصوبة، حتى الكنعانيين كانوا أيضاً يقطعون أجزاء من أجسادهم ويرسمون الوشوم تعبداً لإله ما أو حزناً على ميت رحل.
هل يُعتبر او يُصنّف الوشم من الأمور الضرورية التي لا ينبغي فعلها كشعب الله؟
اعمال ١٥: ٢٨-٢٩
" فَقَدِ استَحْسَنَ الرُّوحُ القُدُسُ وَنَحْنُ أنْ لَا نُثقِلَ عَلَيْكُمْ بِمَا هُوَ أكْثَرُ مِنْ هَذِهِ الأُمُورِ الضَّرُورِيَّةِ: لَا يَنْبَغِي أنْ تَتَنَاوَلُوا الطَّعَامَ المُقَدَّمَ لِلأوْثَانِ، وَالحَيَوَانَاتِ المَخنُوقَةَ وَالدَّمَ، وَأنْ تَبْتَعِدُوا عَنِ الزِّنَا. فَإذَا حَفِظتُمْ أنْفُسَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأُمُورِ، تُحسِنُونَ صُنْعًا. عَافَاكُمُ اللهُ."
هذا كل ما نجده في الكتاب المقدس حول الموضوع فالعهد الجديد لم يذكر هذه الأشياء وبالتالي هي ليست من الامور التي نها عنها الرسل.. قد البعض قد يقول أن هذه الأمور لا تنطبق علينا لأنها موجودة في العهد القديم.. ممكن ولكن.
كيف نتعامل مع الناس الذين اختاروا او سيختارون ان يحصلوا على وشم؟
لنطرح هذه الاسئلة اولا: كيف يراهم الله؟ من هم في عيون الله؟ هل الله يستخدم اشخاص لديهم وشم في عمله ومد ملكوته؟
اني اريد رحمة لا ذبيحة.. كم من مراهقين فقدوهم ايمانهم بسبب دينونة اهاليهم المؤمنين وابتعدوا عن الكنيسة بسبب نظرة الاخرين وانتقادهم لهم؟!
هل اهتم لعلامة او صبغة في جسد ابني اكثر من قلبه ومصيره الابدي؟
المحبة الكاملة تطرح الخوف (من كلام ورأي الناس) خارجا.
هناك أمور أخرى علينا أن نأخذها في نظر الاعتبار، واساعد من سيقرر دق وشم على جسمه ان يفكر بها (نحن مدعوين لتحفيز الاخرين على التفكير وليس السيطرة عليهم وتجريمهم) مثلا:
- هل أرغب هذا الوشم على جسمي باقي أيام عمري؟
- هل من سأتزوج به سيرضى (يعجب) بهذا الوشم؟
- ماذا لو تغير رأي أو فكري بخصوص العلامة او الكلمة التي كتبتها او الصورة التي قبلتها كوشم على جسدي بعد كم سنة؟
- الى جانب كل ما سبق قد يتسبب الوشم أحياناً بأمراض جلدية خطيرة على صحة الإنسان فلم علينا المخاطرة بهذا الأمر؟ وهل الوشم أصبح أمراً أساسياً لا نستطيع أن نعيش من دونه؟
- من المعلوم أن إزالة الوشم عملية صعبة فهل سنقبل بهذا الوشم على جسدنا بقية أيام حياتنا وهل سيقبل شريكنا المستقبلي وجود هذا الوشم على جسدنا؟
- لا يزال في يومنا هذا بعض العبادات الوثنية تستخدم الوشم كرمز واعلان عن عباداتهم ولهذا فهناك رموز وعلامات تحمل معاني روحية شيطانية قد تكون بابا للارواح الشريرة.
هناك موقف تاريخي مهم نحترمه تماما في تاريخ كنيسة الإسكندرية وهو دق صليب صغير على اليد اليمنى للصغار في عصور الاضطهاد والاستشهاد
ففي مصر عندما بدأ عصر الاستشهاد بداية من الحكم الروماني ومرورا بالاضطهاد الإسلامي كان الإباء المسيحيين يقبلوا العذابات حتى الاستشهاد لكي يرفضوا ان ينكروا ايمانهم بالرب يسوع المسيح ولكن كانوا يقلقون على شيء واحد وهو ان بعد استشهادهم سيتركون أولادهم الصغار الغير مدركين فقد يربوهم الوثنيين ولا يعرفوا انهم أبناء شهداء مسيحيين انهم تعمدوا على اسم المسيح ولهذا بدأ الإباء يدقون الصليب على يمين صغارهم فحتى لو استشهد الإباء يعرف الأبناء فيما بعد بانهم مسيحيين وانهم أبناء الشهداء ومهما حاول الوثنيين تغيير هذا فلا يمكن ازالته بل حتى لو حرقوا علامة الصليب على يدهم فأيضا الحرق يشهد بهذا. كان هذا الوشم حماية للأولاد من ضياع هويتهم المسيحية. الله قادر ان يستخدم كل شيء لمجده