* نسخة الكترونية مجانية من كتاب المواجهة: PDF , 

   

المقدمة :

موضوع هذا الكتاب هو الحرب الروحية. لكن قبل ان نبدأ هناك أمران هامان اريد ان ألقي عليهما الضوء : الاول هو احتياجنا الى الحكمة. هناك مثل اوربي قديم يستحق ان نلتفت اليه، يقول : "الحنكة والغدر دائماً يهزمان الشباب والحماس " فقبل ان نشتبك في اي حرب روحية ينبغي ان نعلم هذا الامر عن الشيطان : انه عدو قديم يتسم بالغدر الشديد.

من ناحية اخرى، تكمن قوة اكثر المسيحيين اساساً في المثالية والحماسة غير المُختبَرة. ولا يمر وقت كثير – عادة خمس او عشر سنوات في الخدمة – حتى تنطفيء الحماسة، وتتحول الخدمة بشكل تدريجي دون ان نشعر، من دعوة عليا الى مجرد وظيفة. ان ما حدث هو ان الحماسة وقفت مجردةً، لتواجه غدر الجحيم، وخسرت المعركة. وانطفأت الرؤية الشبابية المتوهجة تحت الغمامة المظلمة للهجوم الشيطاني الشرس. وتحت وطأة الاحباط المتزايد ووهن العزيمة تسلل التساهل الى الحياة ثم الخطية، لكن المشكلة الحقيقية لم تكن الخطية بل الجهل. لقد وضعنا الشيطان في صندوق صغير من التعاليم العقائدية، وتوقعنا ان يظل بداخله هادئاً. لكن هذا لم يحدث، بل تسلل الى علاقاتنا فأصبحت محبتنا حذرة، وقاوم صلواتنا فضعُف ايماننا. بعد ان قضيت اوقاتاً طويلة مع رعاة منهكين في الخدمة، رأيت في جميعهم نزعةً مشتركة ادت الى تعرضهم للمتاعب، لقد فشلوا في تمييز هجمات الشيطان عليهم. لقد وقفوا عُزلاً امام عدو قديم غادر.لقد أعد يسوع تلاميذه لكل شيء، بما في ذلك الحرب. لقد شاهدوه وهو يخرج الشياطين ثم ارسلهم ليعملوا نفس الشيء. لكن قبل ان يرسلهم اوصاهم ان يكونوا حكماء (كالحيات) وفي ذات الوقت ابرياء وودعاء (كالحمام) مت 10 : 6، ان هذا المزيج من حكمة الله وبراءة المسيح هو الجوهر الاساسي لاي انتصار روحي. حقا، نستطيع ان نغلب العدو، لكن الحكمة لابد ان تسبق الحرب، والفضيلة الانتصار.

من ثم، فإن هدف هذا الكتاب هو ان يدربك في الحكمة ويدعوك الى البراءة. اننا لن نتجاهل ما تعلمناه من قبل. نعم سنظل نعيش بالايمان. لكن ينبغي ان نعرف طرق الرب. وهذا يعني اننا ينبغي ان نفكر بحكمة. لقد حاولنا ان نستخدم الايمان في اكثر مما كان الرب يقصد. فقد استخدمناه حين كان يتحتم علينا ان نطلب وجه الرب لنعرف حكمته وطرقه. في الواقع هذا الجهل هو الذي جعلنا عرضة للهجوم الشيطاني. ينبغي ان نكون مدربين على الحرب، والا فلن ننجح. اما الامر الاخر هو : انه لا توجد "طرق مختصرة" للحرب الناجحة، ان وجدت طرق اخرى فهي اطول واكثر خطرا ً. واحدى مواطن الخطر هو ان ندخل الحرب مضللين بالجرأة والاستباحة. ان كنا نبتغي حرباً ناجحة فلنتعلم ان الحذر هو اساس الانتصار. ومهما كان المستوى الروحي الشاهق الذي تتصور انك قد بلغته. تذكر ان آدم كان في الفردوس لما سقط، وقبل ان تجعلك المعرفة المتزايدة والاختبارات الروحية واثقاً في ذاتك بشكل زائد عن الحد، اذكر ان سليمان كتب ثلاثة اسفار مقدسة وعاين مجد الرب فعلياً، رغم ذلك سقط. نعم، وفي اعمق لحظات تعبدك للرب القدير لا تنس َ, انه منذ زمن بعيد كان "لوسيفر" نفسه في السماء يفيض تسبيحاً لله. كلنا رأينا كثيرين يسقطون، وحذرنا يسوع قائلاً انه ستبرد محبة الكثيرين. لا تفترض ان هذا لا يمكن ان يحدث معك. لقد دأب عدونا على خداع الجنس البشري طيلة آلاف السنين. ومن الناحية الاخرى، لا تتعدى خبرتنا نحن لحظات قليلة، فمن الحكمة ان ندرك اننا لا نعرف كل ما ينبغي ان نعرفه عن الحرب الروحية. لذلك، كن جسوراً في صلاتك، لكن لا تكن متهوراً او متكبراً. استخدم سلطانك الروحي بحزم ووعي، لا بوقاحة. كثير من المسيحيين حسني النوايا واجهوا العدو بجرأة مستبحية وعانوا الكثير من جراء هذه الجرأة، لذلك ادرس كثيراً واطلب توجيهات الرب بشأن استراتيجية الحرب. كما هو مكتوب " المقاصد تثبت بالمشورة. وبالتدابير اعمل حرباً " ام 20 : 18.يجب ان تكون مستعداً لاعتناق اسلوب حياة وليس مجرد تعليم عن الحرب الروحية. لايمكنك ان تشن هجوماً على حصون الجحيم يوم الاثنين، ثم تقرر يوم الثلاثاء انك لا ترغب في ان تحارب. لانك ان تحديت الشيطان للمنازلة، سوف يتحرك ضدك بقوة اكبر. لذلك يجب ان تستعد. لذلك فإن غرضنا هنا هو ان نساعدك على الاستعداد للحرب في كل واحدة من الميادين الاساسية الثلاثة : الذهن، الكنيسة، السماويات. حقاً توجد ميادين اخرى كثيرة، لكن هذه الميادين الثلاثة هي التي سيواجه غالبيتنا فيها الصراعات. ملحوظة اخيرة، قليلون منكم سيكونون فعالين في انقاذ مدنكم فعلياً، وصلاتنا ان هذه السطور تساعد في قيادتك وتجهيزك لهذا الغرض. لان هذا وعد الروح لنا : " مدينة صغيرة فيها أناس قليلون. فجاء عليها ملك عظيم وحاصرها وبنى عليها ابراجاً عظيمة ووجد فيها رجل مسكين حكيم فنجى هو المدينة بحكمته " جا 9 : 14، بينما يتنبأ الكثيرون بخراب امتنا (يتحدث الكاتب عن الولايات المتحدة الامريكية)، وانهيار مدننا، لم يلتفتوا الى قوة المسيح فيكم. لكن تذكروا ان " الحكمة خير من القوة.. الحكمة خير من ادوات الحرب " جا 9 : 16، 18

فرانسيس فرانجيبان – يوليو 1989

مقدمة الناشر:

لماذا الحرب الروحية ؟ ؟

ألا نستطيع نحن المؤمنون ان نحيا - على المستوى الروحي - حياةً مسالمة هادئة ؟ ؟

لقد ولدنا من الله في عقر دار العدو وفي وسط مملكته، اذ انه هو (رئيس هذا العالم) و(اله هذا الدهر) وهذا (العالم قد وضع في الشرير).

لذلك ان اردت ان تحيا موالياً لله في ارض العدو، سالكاً بقوانين ملكوته في عالم تحكمه قوانين مضادة، تصير الحرب امراً لا مفر منه. عندما تصير حياتك الشاهدة المضيئة سبباً في فرار نفوس اخرى من رعايا الشيطان، من سلطان الظلمة الى مملكة الله، وعندما تصير خدمتك للملك المسيح سبباً في امتداد ملكوت الله على حساب انهيار مملكة العدو، تصير المواجهة مع قوات الظلمة امراً حتمياً. وفي هذه الحرب الطاحنه يستغل الشيطان جهلنا به وبطرقه وجهلنا بالله وبطرقه، ايضاً جهلنا بنفوسنا.

لذلك اقدم لك عزيزي القاريء هذا الكتاب، مساهمةً في القاء ضوء كلمة الله على بعض جوانب الحرب الروحية ولي ثقة ان يستخدمه الله لخير حياتك وبنيانها... امين.

نادر حنا

ملحوظة:

كل ما جاء في هوامش الكتاب، او ما جاء بين اقواس وسط النص، هو اضافة من المعرب للتفسير، ولم يرد في الكتاب باللغة الانكليزية.

تصدير :

اننا مزمعون على القيام برحلة في ارض مجهولة، اذ سنتكلم عن موضوع يتزايد بشأنه الفهم دائماً. ومازال هناك حكمة ومعرفة ينبغي ان نكتسبها بشأنه. من ثم، دعونا نتقدم نحو هذه الدراسة مدركين عدم كفايتنا في الوقت الحالي.

في ذات الوقت، سوف يخدم هذا الكتاب كرفيق للمحاربين في الصلاة، وللقادة الذين يعدهم الرب للمرحلة الاتية. ولنا ثقة ونحن ننقل لكم ما تعلمناه، ان الرب قد وضع في قلبه ان يقودكم بنفسه، وفيه وحده كل الكمال. وبالأتكال عليه، يصبح كل شيء كافياً.